تأملات في أول سورة النحل
الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
أما بعد:
يقول الله – تبارك وتعالى-: {أَتَىٰ أَمْرُ اللَّـهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ١يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ٢خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ٣} [النحل: ١ – ٣ ]
هذه الآيات تتضمن أمورًا عظيمة في العقيدة، وما يضادُّها، أتى أمر الله يعني البعث، والحساب، والجزاء، وعبَّر عنه بصيغة الماضي لتحقق وقوعهِ، وسيأتي، لكن يُعبِّر عنه بصيغة الماضي لتأكد وتحقق وقوعه الذي لا ريب فيه، فيقول للمشركين فلا ﮋ تستعجلوه -سبحانه-: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ۗ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ١٨ } [ الشورى: 18]
فالكفار يستعجلون بها من باب الاستهزاء، لأنهم لا يؤمنون بهذا البعث والجزاء.
ثّمَّ نزه نفسه عن الشِّرك، والشُّركاء، والأنداد، {تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ٣} إثباتُ التوحيد، ودحضٌ للشِّرك، وإبطالٌ له، وذمٌ لأهله، يتنزه الله – تبارك وتعالى- أن يكون له شركاء، أو شريك، – سبحانه وتعالى- لأن هذه الأنداد، وهذه الشُّركاء الذين يتخذونهم مع الله {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} [الفرقان: ٣] كيف يعبدونهم؟
{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ ١٩ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ ٢٠ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَىٰ ٢١ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ ٢٢} [النجم: ١٩ – ٢٢ ]