خندق النار الذي رآه أبو جهل
كان الله -عز وجل- يحمي نبيه كلما تعرض له كافر بالأذى, لا سيما ما فعله أبو جهل, لأنه جاء في صحيح البخاري وجاء عند مسلم وإن كان البخاري اختصر الحديث: ((قَالَ : قَالَ أَبُو جَهْلٍ : هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ قَالَ: فَقِيلَ: نَعَمْ، فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ، لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ، أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ)), فجاء النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى البيت وكان يصلي زعم لَيَطَأ على رقبته، ((قَالَ: فَمَا فَجَأَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ يعني يرجع إلى الخلف وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ، يرفع بيديه ويتقي بها كأنه يدفع عن نفسه شيئا قَال: فقَالُوا: لَهُ مَا لَكَ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَؤُلَاءِ أَجْنِحَةٌ لهذا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: لَوْ دَنَا مِنِّي لَخَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا)) ، لهذا نزلت يعني ما تبقى من سورة العلق نزل قول الله -عز وجل- من هذه السورة: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ ﴿٦﴾ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ ﴿٧﴾ إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ ﴿٨﴾ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ ﴿٩﴾ عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ ﴾[العلق:6-10] لأن أبا جهل جاء يريد أن يطأ على رقبة النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يصلي أراد أن ينهاه أو يمنعه عن الصلاة لهذا سألهم هل يعفر وجهه؟ فقالوا نعم فأراد أن يمنعه فقال تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ ﴿٩﴾ عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ ﴿١٠﴾ أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ ﴿١١﴾ أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَىٰ ﴿١٢﴾ أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ﴿١٣﴾ أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ ﴿١٤﴾ كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ﴿١٥﴾ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴿١٦﴾ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾[العلق:9-16], جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أراد أبو جهل أن يمنعه وأراد كذلك أن يطأ على رقبته جاء في بعض الروايات خارج الصحيح جاءت في رواية عند أحمد والترمذي خارج الصحيحين أن أبا جهل لما رآه يصلي قال له ((أَلَمْ أَنْهَكَ أن تصلي يا محمد فَانْتَهَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ لِمَ تَنْتَهِرُنِي يَا مُحَمَّدُ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا بِهَا رَجُلٌ أَكْثَرُ نَادِيًا مِنِّي)) لهذا قال الله: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾ وهو يقول أبو جهل لقد علمت ما بها أحد أكثر ناديًا مني فأنزل الله هذه: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ﴿١٧﴾ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾ لهذا قال ابن عباس والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب كما جاء عند أحمد وغيره.
الشيخ:
عرفات بن حسن المحمدي