بسم الله الرحمن الرحيم
فتح الرحمن بتخريج حديث: «إذا انتصف شعبان »
رب يسر يا كريم
الحديث مداره على العلاء بن عبد الرحمن(1)عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه
و رواه عنه جماعة منهم :
- ابن عيينة ، رواه عبد الرزاق في «مصنفه» (7325)و ابن حزم في «المحلى» (4/25ـ 26) م (800)
- أبو العميس رواه أحمد في «مسنده» (9707)وابن أبي شيبة في «مصنفه» (9025) ، والنسائي في «الكبرى» (2911) وأبو عوانة في مستخرجه ( 2709)
- عبد الرحمن بن إبراهيم الدارمي في «سننه» (1781) و الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/ 82)،و قال أبو حاتم (327): /في ترجمة عبدالرحمن ابن ابراهيم/ ((ليس بالقوي روى حديثا منكرا عن العلاء)) الجرح والتعديل (211/ 5)
- عبد العزيز بن محمد الدراوردي رواه الدارمي في «سننه» (1782) وأبو داود (2336) والترمذي (738) وابن ماجه (1648)و ابن حزم في «المحلى» (4/25 ـ26)
- مسلم بن خالد رواه ابن ماجه (1648)
- روح ابن القاسم رواه ابن حبان في «صحيحه» (3589) و من زهير بن محمد.
- عباد بن كثير رواه أبو عوانة في مستخرجه ( 2711 )اقرأ أيضا:فضائل شهر شعبان
8. الزُّبَيْدِيِّ رواه أبو عوانة (2712)
قلت وقد استنكره جمع من الحفاظ منهم:
– عبد الرحمن بن مهدي (198)
– عفان بن مسلم الصفار (220)
– أحمد (241)
– أبو زرعة الرازي (264)
– يحي بن معين (233)
– الأثرم (273)
– النسائي (303)
– أبو حاتم (327)
– الخليلي (446)
– البيهقي (458)
– ابن الجوزي (597)
– الذهبي (748)
– ابن رجب (795)
– الوادعي (1422)
قال أبو داود ــ في السنن بعد روايته ــ : ” وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، لَا يُحَدِّثُ بِهِ، قُلْتُ لِأَحْمَدَ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ، وَقَالَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَهُ “
وقال في المسائل :
2002 – سَمِعْتُ أَحْمَدَ، ذكر حَدِيثُ الْعَلَاءِ …….
فَقَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لَمْ يُحَدِّثْنَا بِهِ، لِأَنَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَهُ، يَعْنِي: حَدِيثَ عَائِشَةَ(2) وَأُمِّ سَلَمَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ» (3)
قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، يَعْنِي: حَدِيثَ الْعَلَاءِ هَذَا .
وقال أحمدُ: في رواية محمد بن يحي الكحال هذا الحديث: العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إذا كان النصف من شعبان، فلا تصوموا ليس هو محفوظ ، والمحفوظ الذي يروى عن أبي سلمة، عن أم سلمة: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصوم شعبان ورمضان “
شرح كتاب الصيام من عمدة الفقه لشيخ الإسلام بن تيمية )3/ 534(.طبقات الحنابلة (2/ 384)
وقال حرب: سمعت أحمد يقول في الحديث الذي جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إذا كان النصف من شعبان؛ فلا صوم إلى رمضان”.
قال: هذا حديث منكر.
قال: ــ حرب ــ و سمعت أحمد يقول: لم يحدث (يعني: العلاء) حديثًا أنكر من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إذا كان النصف من شعبان؛ فلا صوم إلى رمضان” وأنكر أحمد هذا الحديث، وقال: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث.
“شرح العمدة” كتاب الصوم )3/ 534 (. والفروسية (247)
وقَالَ ابن عَدى في الكامل : ” سمعت أحمد بن حفص السعدي يقول: قيل لأحمد بن حنبل رحمة الله عليه (يعني وهو حاضر) حديث أبي هريرة …قَالَ: ذَاكَ أي ضَعِيفٌ، ثم قال: حديث العلاء كان يرويه وكيع عن أبي العميس، عن العلاء وابن مهدي فكان يرويه ثم تركه
الكامل في ضعفاء الرجال، ترجمة رقم (714) .
([1])[العلاء بن عبد الرحمن ابن يعقوب الحرقي بضم المهملة وفتح الراء بعدها قاف أبو شبل بكسر المعجمة وسكون الموحدة المدني صدوق ربما وهم من الخامسة مات سنة بضع وثلاثين ر م 4 ] التقريب 5247
([2]) رواه مسلم (782)
([3])وأبو داود (2336)، والترمذي (736)، والنسائي(4/ 200). وابن ماجه (1648)
وقال المرّوذي : “وذكرتُ له حديث زُهير بن محمد، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كان نصف شعبان فلا صوم”، فأنكره، وقال: سألت ابن مهدي عنه فلم يحدّثني به وكان يتوقّاه. ثم قال أبو عبد الله: هذا خلاف الأحاديث التي رُويت عن النبي صلى الله عليه وسلم ” العلل ومعرفة الرجال” رواية المروذي (273)
وقال الزيلعي (762) : وروي عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه قال: هذا الحديث ليس بمحفوظ، قال: وسألت عنه ابن مهدي فلم يصححه: ولم يحدثني به، وكان يتوقاه، قال أحمد: والعلاء ثقة، لاينكر من حديثه إلا هذا “نصب الراية” (2/ 441)
فأنت ترى أن الإمام أحمد قد احتفى بإعلال شيخه ابن مهدي لحديث العلاء بالنكارة ، وتابعه على ذلك .
وهكذا أنكر هذا الحديث على العلاء ، أبو زرعة الرازي
قال البرذعي وشهدت أبا زرعة ينكر حديث العلاء بن عبد الرحمن (إذا انتصف شعبان) وزعم أنه منكر.
أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية (2/ 388) وانظر لطائف المعارف (259)
وأنكره عفان بن مسلم الصفار (220) ويحي بن معين (233) ذكره عنهما أبو عوانة فقال :
قَالَ جَعْفَرٌ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَاصًّا هُنَا، وَحَدَّثَ عَنْهُ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَبَهْزُ بْنُ أَسَدٍ أَيْضًا، سَمِعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ مِنَ الْعَلَاءِ مَعَ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ وَحَدَّثَ عَنْهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا، ثُمَّ ذَكَرَ جَعْفَرٌ هَذَا، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، عَنْ عَفَّانَ. مستخرج أبي عوانه (2/173).
وانظر لقول ابن معين لطائف المعارف (259) (الفتح 4/ 153)
والنسائي (303) فقال /بعد روايته/: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (2923)
قلت : وهذه إشارة منه إلى نكارته وإعلاله بالتفرد .
وأبو حاتم فقال في الجرح والتعديل )211/ 5(:/ بعد ترجمة عبدالرحمن ابن ابراهيم/ ((ليس بالقوي روى حديثا منكرا عن العلاء))
والخليلي (446) فقد قال في ترجمة العلاء :
يَتَفَرَّدُ بِأَحَادِيثَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا؛ كَحَدِيثٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا صَوْمَ حَتَّى رَمَضَانَ»
وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ الْمَشَاهِيرَ مِنْ حَدِيثِهِ، دُونَ هَذَا، وَالشَّوَاذِّ
الإرشاد في معرفة علماء الحديث (1/ 218)
والبيهقي (458) قال : ” باب الرخصة في ذلك بما هو أصح من حديث العلاء ” السنن الكبرى (4/ 353).
قلت: وإن كان قد يفهم من كلامه مطلق الترجيح
وقال ابن الجوزي (597) :
وَكَذَلِكَ فعلا ــ البخاري ومسلم ــ فِي أَحَادِيث غرائب يَرْوِيهَا الثقات الْعُدُول لما انْفَرد بهَا وَاحِد من الثقات تركاها مثل حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرحمن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة إِن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِذا انتصف شعْبَان فَلَا تَصُومُوا حَتَّى يجِئ رَمَضَان ” وَقد خرج مُسلم كثيرا من حَدِيث الْعَلَاء فِي الصَّحِيح وَترك هَذَا وأشباهه مِمَّا انْفَرد بِهِ الْعَلَاء عَن أَبِيه. ا هــ الموضوعات (1/33)
و الذهبي قال: ومن أغرب ما أتى به عن أبيه، عن أبي هريرة، مرفوعا: (إذا انتصف شعبان، فلا تصوموا (2)… ) ، الحديث. سير أعلام النبلاء (6/ 187)
وشيخنا مقبل ــ رحمه الله ــ في أحاديث معلة ظاهرها الصحة صــ 425 رقم 454
قلت: وصححه طوائف من أهل العلم منهم:
_ أبو داود (275) فقد سكت عليه في سننه و هذا على القول بحجية ما سكت عليه و في كلامه المتقدم ما يدل على عدم قبوله القول بنكارة الحديث.
_ الترمذي (279) قال عقبة: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
_ ابن حبان (354) بإخراجه في صحيحه
_ ابن حزم (456) بعد إخراجه وقد تقدم
_ ابن عبد البر (463) الاستذكار (3/371)
_ النووي في المجموع (676)
_ الألباني (1421) صحيح أبي داوود (2025)
_ ابن باز (1420) الإفهام (388)
_ الحاكم ذكره ابن رجب في اللطائف ولم أقف عليه بعد عناء بحث فالله أعلم
فإن قيل : قد توبع العلاء متابعة قاصرة
فقد قال الطبراني ــ رحمه الله ــ : ((حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن نافع، قَالَ: أَخْبَرَنَا عبيد الله بن عَبْد الله المنكدري، حَدَّثَنِي أبي، عن أبيه، عن جده، عن عَبْدالرحمن بن يعقوب الحرقي
قلت: وهَذَه المتابعة لا يفرح بها، ففيها علتان:
- الأولى :جهالة شيخ الطبراني
قال الحافظ الذهبي :
أحمد بن محمد بن نافع لا أدري من ذا ؟ ذكره ابن الجوزي مرة، وقال: اتهموه .كذا قال، و لم يزد. وعلق الحافظ ابن حجر على كلام الذهبي ولم يزد على ذكر موضع كلام ابن الجوزي وتمام كلامه لسان الميزان (1/285)
وذكر الهيثمي حديثا في إسناده أحمد بن نافع هذا و قال : رجاله رجال الصحيح خلا أحمد بن محمد بن نافع الطحان شيخ الطبراني. قال الألباني: كذا قال، ولم يذكر من حاله شيئًا كأنه لم يقف له على ترجمة، وقال في ” المجمع ” (7/ 215) في حديث آخر: ولم أعرفه. وكذلك أنا فلم أعرفه وهو مصري، كما في ” معجم الطبراني الصغير “(10)، وروى له في ” المعجم الأوسط ” نحو خمسين حديثًا. اهـ
الصحيحة (1/ 234). تاريخ الإسلام (22/ 41) و ميزان الاعتدال (1/ 146)
قلت: ففيه جهالة، ومثله لا يعتبر به.
وقد قال الطبراني بعد روايته “لم يروِ هَذَا الْحَدِيْث عن مُحَمَّد بن المنكدر إلا ابنه المنكدر، تفرد بِهِ ابنه: عَبْدالله ” الأوسط (1936)
- الثانية : جهالة عبد الله بن المنكدر:
قال الذهبي :
عبد الله بن الْمُنْكَدر بن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر فِيهِ جَهَالَة وَله خبر مُنكر , المغني في الضعفاء (1/359) و أتى بخبر منكر ساقه العقيلي الميزان (2/508) وفي ديوان الضعفاء (1/230) لا يعرف ا هـ
قلت: ورواه ابن عدي من طريق إبراهيم بن أبي يحيى، عن محمد بن المنكدر (الكامل 1/ 224)
وقال ابن عدي في (الكامل 6/ 455) عن هذه السلسلة (عبيد الله بن عبد الله المنكدري قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده).
“وهذه نسخة حدثناه ابن قديد ، عن عبيد الله بن عبد الله بن المنكدر بن محمد ، عن أبيه عن جده، عن الصحابة وعن غيرهم، وعامتها غير محفوظة “. ا.هـ.
فهاتان علتان مانعتان من اعتبار هذا الطريق
فإن قيل: هذا الإسناد على رسم مسلم.
فيقال: نعم، لكن عنه جوابان:
_الأول :الخلاف في العلاء وقد قدمت لك بيانه .
_الثاني : قد أخرج مسلم حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده , لكنه لم يخرج جميع حديث هذه السلسة ، فقد كان لصاحبي الصحيح طريقة في انتقاء حديث المحدث ورواية ما تابعه عليه الناس ، ويتركون غالب ما تفرد به ، وعلى الخصوص ما خالف فيه الأثبات.
قال ابن الجوزي (597) :
وَكَذَلِكَ فعلا ــ البخاري ومسلم ــ فِي أَحَادِيث غرائب يَرْوِيهَا الثقات الْعُدُول لما انْفَرد بهَا وَاحِد من الثقات تركاها مثل حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرحمن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة إِن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِذا انتصف شعْبَان فَلَا تَصُومُوا حَتَّى يجِئ رَمَضَان ” وَقد خرج مُسلم كثيرا من حَدِيث الْعَلَاء فِي الصَّحِيح وَترك هَذَا وأشباهه مِمَّا انْفَرد بِهِ الْعَلَاء عَن أَبِيه. ا هــ الموضوعات (1/33)
وقال الحافظ الزيلعي (762)نصب الراية (1/ 10)
ولكن صاحبا الصحيح رحمهما الله إذا أخرجا لمن تكلم فيه، فإنهم ينتقون من حديثه ما توبع عليه، وظهرت شواهده، وعلم أن له أصلاً، ولا يروون ما تفرد به، سيما إذا خالفه الثقات، كما أخرج مسلم لأبي أويس حديث: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي: لأنه لم يتفرد به، بل رواه غيره من الأثبات، كمالك، وشعبة، وابن عيينة، فصار حديثه متابعة، وهذه العلة راحت على كثير ممن استدرك على الصحيحين …. نصب الراية (1/341ـ340)
وههنا كلام محرر للحافظ شمس الدين ابن القيم (751) :
“فهذه طريقة أئمة الحديث العالمين بعلله يصححون حديث الرجل ثم يضعفونه بعينه في حديث آخر إذا انفرد أو خالف الثقات، ومن تأمل هذا وتتبعه رأى منه الكثير فإنهم يصححون حديثه لمتابعة غيره له أو لأنه معروف الرواية صحيح الحديث عن شيخ بعينه ضعيفها في غيره، وفي مثل هذا يعرض الغلط لطائفتين من الناس، طائفة تجد الرجل قد خرج حديثه في الصحيح وقد احتج به فيه فحيث وجدوه في حديث قالوا: هذا على شرط الصحيح، وأصحاب الصحيح يكونون قد انتقوا حديثه، ورووا له ما تابعه فيه الثقات ولم يكن معلولاً ويتركون من حديثه المعلول وما شذ فيه وانفرد به عن الناس وخالف فيه الثقات أو رواه عن غير معروف بالرواية عنه ولا سيما إذا لم يجدوا حديثه عند أصحابه المختصين به فإن لهم في هذا نظراً واعتباراً اختصوا به عمن لم يشاركهم فيه، فلا يلزم حيث وجد حديث مثل هذا أن يكون صحيحاً، ولهذا كثيراً ما يعلل البخاري ونظراؤه حديث الثقة بأنه لا يتابع عليه. والطائفة الثانية يرون الرجل قد تكلم فيه بسبب حديث رواه وضعف من أجله فيجعلون هذا سبباً لتضعيف حديثه أين وجدوه فيضعفون
من حديثه ما يجزم أهل المعرفة بالحديث بصحته، وهذا باب قد اشتبه كثيراً على غير النقاد، والصواب ما اعتمده أئمة الحديث ونقاده من تنقية حديث الرجل وتصحيحه والاحتجاج به في موضع وتضعيفه وترك حديثه في موضع آخر وهذا فيما إذا تعددت شيوخ الرجل ظاهر كإسماعيل بن عياش في غير الشاميين وسفيان بن حسين في غير الزهري ونظائرهما متعددة، وإنما النقد الخفي إذا كان شيخه واحداً كحديث العلاء بن عبد الرحمن مثلاً عن أبيه عن أبي هريرة فإن مُسلماً يصحح هذا الإسناد ويحتج بالعلاء، وأعرض عن حديثه في الصيام بعد انتصاف شعبان وهو من روايته على شرطه في الظاهر ولم ير إخراجه لكلام الناس في هذا الحديث وتفرده وحده به وهذا أيضاً كثير يعرفه من له عناية بعلم النقد ومعرفة العلل، وهذا إمام الحديث البخاري يعلل حديث الرجل بأنه لا يتابع عليه ويحتج به في صحيحه ولا تناقض منه في ذلك”. حاشية تهذيب السنن (2/617ـــ619)
نقلته مع طوله لكثرة فوائده
فإن قيل: قد صح الحديث طائفة من أئمة الحديث ممن رووه ومن غيرهم
يقال نعم وقد ذكرت لك طائفة ممن صححه أو حسنه، ثم منهم من احتج به وحمله على
ظاهره، ومنهم من أجاب عنه و فيما تقدم بيان لوجهتهم في تصحيحه و بيان مأخذه.
تتميم :
في اختلاف نظر الفقهاء في الصيام بعد انتصاف شعبان
قال الطحاوي (321)
هَذِهِ الْآثَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ صَوْمَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ مِنْ سَائِرِ الدَّهْرِ دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ صَوْمَ مَا بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ مِمَّا قَدْ دَخَلَ فِي إِبَاحَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى شرح معاني الآثار (2/ 87)
قال ابن رجب:” وأكثر العلماء على أنه لا يعمل به “.
لطائف المعارف (259)
وقال ابن حجر:
وقال جمهور العلماء يجوز الصوم تطوعا بعد النصف من شعبان وضعفوا الحديث الوارد فيه
فتح الباري (4/ 129)
وقال ابن رجب : وقد أخذ آخرون منهم الشافعي وأصحابه ونهوا عن ابتداء التطوع بالصيام بعد نصف شعبان لمن ليس له عادة و وافقهم بعض المتأخرين من أصحابنا ا هــ لطائف المعارف (259) المجموع (6/398) المغني (3/106)
وذهب ابن حزم إلى اختصاص التحريم باليوم السادس عشر المحلى (مسألة 800)
فائدة:
هل اشترط الإمام أحمد الصحة في مسنده ؟ وهل ما سكت عنه فهو صحيح عنده ؟
قال الحافظ ابن قيم الجوزية /رحمه الله تعالى/ في مناقشة رأي أبي موسى المديني: “فإن هذه المقدمة لا مستند لها البتة، بل أهل الحديث كلهم على خلافها. والإمام أحمد لم يشترط في مسنده الصحيح ولا التزمه. وفي مسنده عدة أحاديث سئل هو عنها فضعفها بعينها وأنكرها كما روى حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة يرفعه: «إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصيام حتى يكون رمضان
وقال حرب: سمعت أحمد يقول: هذا حديث منكر، ولم يحدث العلاء بحديث أنكر من هذا. وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث به”، ثم ساق ابن القيم أمثلة كثيرة من هذا النوع، إلى أن قال: “وهذا باب واسع لو تتبعناه لجاء كتابا كبيرا، والمقصود أنه ليس كل ما رواه وسكت عنه يكون صحيحا عنده، حتى لو كان صحيحا عنده وخالفه غيره في تصحيحه لم يكن قوله حجة على نظيره. وبهذا يعرف وهم الحافظ أبي موسى المديني في قوله: إن ما خرجه الإمام أحمد في مسنده فهو صحيح عنده. فإن أحمد لم يقل ذلك قط ولا قال ما يدل عليه، بل قال ما يدل على خلاف ذلك”. الفروسية (247)
كتبه
أبو يوسف مصطفى بن محمد مبرم