موقع ميراث الأنبياء

موعظة بليغة مؤثرة عن الدنيا

موعظة بليغة مؤثرة عن الدنيا

الشيخ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله وغفر الله له


وأنت يا عبد الله مخلوق لعبادته: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } الواجب عليك أن تتعلم ، وأن تتفقه في الدين، وأن تعرف هذه العبادة

ما هي العبادة التي أنت مخلوق لها؟ وهي توحيد الله والإخلاص له، وطاعة أوامره وترك نواهيه هذه هي العبادة التي أنت مخلوق لها ومأمور بها والرسل بعثوا بها.


فالواجب الاستعداد للآخرة والتأهب، وأخذ الحذر، وأن تكون في هذه الدار مشمرا بطاعة الله عاملا بما يرضي الله مستعدا للقاء الله حذرا من معاصي الله

لأنك في هذه الدار لست بمخلد، فأنت ظاعن منها ولا تدري متى تظعن هل بقي من عمرك قليل أو كثير، فالواجب الحزم والحذر

فقد أخفى الله على الناس آجالهم ليستعدوا للآخرة دائما وليحذروا التمادي في أسباب الهلاك وربك هو الحكيم العليم

قال جل وعلا: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} وقال سبحانه: { أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ }

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} وقال جل وعلا: {إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلْأَنْعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ

ٱلْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَٰدِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَىٰهَآ أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَٰهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلْءَايَٰتِ لِقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ }


هذه الحياة الدنيا روضة خضراء، ثم إذا جاءتها العواصف يبست وانتهت، هكذا الدنيا، بينما الإنسان في سرور ونعمة جاءه الأجل وانتقل إلى الدار الأخرى ليس له إلا عمله

ولهذا قال بعده سبحانه: { وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ } بعد -أن ذكر- زهرة الدنيا، وأنها دار الفناء والزوال قال بعدها: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ} وهي الجنة دار السلام

ما فيها ظعن ولا موت ولا أمراض ولا جوع، ولا عطش، دار السلام، دار سلام من كل ما يضره، ومن كل ما يسؤوه: {وَٱللَّهُ يَدْعُوٓاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ}

فالواجب على المكلف أن يهتم، وأن يحرص على الاستعداد لدار السلام، هذه الدار ليست دار السلام، بل دار الفتن والامتحان دار الابتلاء والاختلاف، الواجب الحذر من الركون إليها وإيثارها

على الآخرة وأن تعد العُدة للقاء ربك لأنك في هذه الدار مرتحل كعارية مسافر، فإذا كنت تعلم أنك كالمسافر فأعد العُدة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر: [ كن في الدنيا كأنك غريب

أو عابر سبيل ] وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ]

فالعبد في هذه الدار ظاعن كالمسافر لا يدري متى يهجم عليه الأجل والواجب إعداد العدة في هذا السفر الذي لا تدري متى ينتهي متى تحل بك المنية، فالحازم هو الذي يعد العدة ويحذر الغفلة حتى إذا

هجمت المنية، فإذا هو على حالة يرضاها المولى سبحانه وتعالى.

رزق الله الجميع التوفيق والهداية 

[ شرح رياض الصالحين: 1/26-28]

موعظة بليغة مؤثرة عن الدنيا