شرح حديث حذيفة (رضي الله عنه) في التحذير من الفتن
فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري
شرح حديث حذيفة رضي الله عنه في التحذير من الفتن pdf
فإن هذا الحديث كبير القدر كثير الفقه، عظيم الفوائد وذلك لما اشتمل عليه من القواعد والأصول التي من سلكها وأخذ بها نجا واستبرأ لدينه وعرضه واعتصم بما أمر الله به ورسوله أن يعتصم به المسلم الكتاب والسنة، وأول ما تضمنه هذا الحديث من الفقه فيه منقبة من مناقب حذيفة -رضي الله تعالى عنه- وهي مما آتاه الله إياه من الفقه.
فالصحابة -رضي الله عنهم- كلهم دعاة خير وهداة سبيل مستقيم ندين الله بأنهم خير هذه الأمة يعني بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع تفاوتهم في الرتبة وإيضاح تلكم المنقبة في تقصد حذيفة -رضي الله عنه- سؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه المسائل التي قل من يتفطن لها وقد بين -رضي الله عنه- غرضه من سؤاله النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه المسائل، وكنت أسأل عن الشر مخافة أن يدركني ويبدو لي والعلم عند الله أن الباعث لحذيفة -رضي الله عنه- على هذه المسائل ما رواه هو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في التحذير من الفتن وحديثه في صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ عَرْضَ الْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ الْقُلُوبُ عَلَى قَلْبَيْنِ قَلْبٌ أَبْيَضٌ مِثْلَ الصَّفَا لا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، وَيَصِيرُ الآخَرُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا -يعني منكوسًا على فوهته- لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ)) .