معرفة الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
وَلَيْسَت حَاجَة الأرواح قطّ الى شَيْء أعظم مِنْهَا إِلَى معرفَة بارئها وفاطرها ومحبته وَذكره والابتهاج بِهِ وَطلب الْوَسِيلَة إِلَيْهِ والزلفى عِنْده وَلَا سَبِيل إِلَى هَذَا إِلَّا بِمَعْرِِفَة أَوْصَافه وأسمائه فَكلما كَانَ العَبْد بهَا أعلم كَانَ بِاللَّه اعرف وَله أطلب وَإِلَيْهِ أقرب وَكلما كَانَ لَهَا أنكر كَانَ بِاللَّه أَجْهَل وَإِلَيْهِ أكره وَمِنْه أبعد وَالله ينزل العَبْد من نَفسه حَيْثُ ينزله العَبْد من نَفسه فَمن كَانَ لذكر أَسْمَائِهِ وَصِفَاته مبغضا وعنها نافرا ومنفرا فالله لَهُ أَشد بغضا وَعنهُ أعظم إعْرَاضًا وَله أكبر مقتا حَتَّى تعود الْقُلُوب إِلَى قلبين قلب ذكر الأسماء وَالصِّفَات قوته وحياته ونعيمه وقرة عينه لَو فَارقه ذكرهَا طرفَة عين ومحبتها ساعة لاستغاث: ” يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قلبِي على دينك”
فلسان حَاله يَقُول
يُرَاد من الْقلب نسيانكم … وتأبى الطباع على النَّاقِل
وَيَقُول
وَإِذا تقاضيت الْفُؤَاد تناسيا … ألفيت أحشائي بِذَاكَ شحاحا
وَيَقُول
إذا مرضنا تداوينا بذكركم … فنترك الذّكر أَحْيَانًا فننتكس
وَمن الْمحَال أَن يذكر الْقلب من هُوَ محَارب لصفاته نافر من سماعهَا معرض بكليته عَنْهَا زاعم أَن السَّلامَة فِي ذَلِك، كلا وَالله إِن هُوَ إِلَّا الْجَهَالَة والخذلان والإعراض عَن الْعَزِيز الرَّحِيم فَلَيْسَ الْقلب الصَّحِيح قطّ إِلَى شَيْء أشوق مِنْهُ إِلَى معرفَة ربه تَعَالَى وَصِفَاته وأفعاله وأسمائه وَلَا أفرح بِشَيْء قطّ كفرحه بذلك وَكفى بِالْعَبدِ عمى وخذلانا أَن يضْرب على قلبه سرادق الاعراض عَنْهَا والنفرة والتنفير والاشتغال بِمَا لَو كَانَ حَقًا لم ينفع إِلَّا بعد معرفَة الله والايمان بِهِ وبصفاته وأسمائه
[ مقدمة نونية ابن القيم رحمه الله ]
اقرأ أيضا: